الإيمان بالله والفطرة ماذا تقول الدراسات
هذا المقال تابع لسلسلة الإيمان والفطرة
لتحميل وثائق كل السلسلة في ملف zip من هنـــــا
لتحميل وثائق كل السلسلة تيلجرام من هنـــــــا
• أثبت وجود الله
لم يبعث الله في تاريخ البشرية بنبي واحد ليثبت وجود الله للناس فوجوده مسلمة عقلية تقر بها الفطرة البشرية السليمة والبراهين العقلية الواضحة، وعبر التاريخ يعتبر برهان الفطرة وسؤال الغاية من أقوى الحجج المدروسة على وجود كيان أعلى خالق وكما يقول عالم الفيزياء الألماني جورج كريستوف ليشتنبرغ [الإيمان بالله غريزة طبيعية للإنسان مثل السير على قدمين]
ومن بين جميع الحضارات لم توجد حضارة في التاريخ البشري كانت ملحدة أو لا دينية فهناك في التاريخ حضارات بلا فنون، وحضارات بلا تقدم مادي، لكن ليس هناك حضارة بلا دين تعبد فيه الإله الواحد وأقول الواحد هنا عن عمدلأنه إنما كان بعث للأنبياء عبر العصور ليردوا الناس إلى توحيد الله بعد انهيار الدين وتدهوره للشرك وليس لإثبات وجود الله ، وكل الحضارات والأديان بلا استثناء كانوا موحدين بالله باجماع علماء الأنثروبولوجيا اليوم ولم ينثبق التوحيد كفكرة متأخرًا ولقد أصلنا لهذا الإثبات بالمراجع والأدلة الأكاديمية في مقال "بشارات كتب الهندوس ببعثة نبي العرب" مثبتين اعتناق البشرية قاطبة للتوحيد وكيف أصبحت أفكار دوركهايم وهربرت سبنسر بتطور الدين تدريجيًا هزل علمي أكل عليه الدهر وشرب،ونطالب من كان ملحدًا أو ربوبيًا أن يفسر لنا كيف آمنت كل الحضارات البشرية السابقة في كل العصور بالتوحيد والإعتقاد بإله واحد مطلق في السماء قبل تحريف عقائدها للشرك؟..!
وكيف لهذا الإعتقاد أن يسود بشكل شامل دون "الوحي والرسالات" والتي تدعهما فطرة الإيمان الغريزية بالمقام الأول، فهذه حجة عقلية من بين الكثير من الحجج ، فالنقاش بشيء بديهي وفطري كوجود الله أو المطالبة باثبات علمي ملموس أو معادلة تثبت وجوده هو هراء ، فليس للعلم المادي اثبات او نفي وجود الخالق فبراهين وجود الله عقلية تدفعها الفطرة في المقام الأول وكما يقول راي كومفورت [الملحدين الذين يسألون باستمرار عن دليل على وجود الله هم مثل سمكة في المحيط تريد دليلًا على وجود الماء.]
• أولاً : الإيمان والفطرة
يقول بول بلوم أستاذ علمِ النَّفْسِ وعلم الإدراك في جامعة يال [ظهرت في السنوات القليلة الماضية، عِدَّةُ أبحاث تكشف حقيقةَ فَهم الأطفال لبعض الأفكار الدينيَّةِ العالميَّةِ وتُشير بعض النتائج الحديثة إلى اثنين من الجوانب التأسيسية في المعتَقدِ الديني الإيمان بالذُّواتِ الإلهيَّة، وثنائيَّةِ الجِسْمِ والرَوُح - والإِيمَانْ بالفِعل الإِلَهي يَأتيِان بِشَكل طَبِيعي إلى الأطفال الصغار ، تمت مراجعة هذا البحث بإيجاز ، وتُناقش بَعض الاِتِجَاهات المُسْتَقبلية.]
وقد وجدت دراسة من "جامعة أكسفورد" تشير إلى أن البشر لديهم ميول طبيعية للإيمان بإله والحياة الآخرة ، وتشير الأبحاث إلى أن الناس عبر العديد من الثقافات المختلفة يعتقدون غريزيًا أن جزءً من أذهانهم أو أرواحهم يعيش بعد الموت وتُظهر الدراسات أن الناس الطبيعيين "ثنائيين" أي مؤمنين بروح وجسد ويجدون أنه من السهل تصور الفصل بين العقل والجسد وفي نصوص هذه الدراسة يقولون نحن لا نحاول إثبات وجود الله بل الصفات الطبيعية للإنسانوكما نشرت صحيفة التيلجراف البريطانية الدراسة بعنوان "الأطفال يولدون مؤمنين بالله ولا يكتسبون معتقداتهم عبر التلقين"
وقد قالت أوليفيرا بتروفيتش وهي استاذة علم النفس التجريبي في جامعة إكسفورد بعد تجارب أسئلة كثيرة ألقتها على الأطفال [إن ردود الأطفال قوية عند سؤالهم من أين أصل الأشياء مثل النباتات والحيوانات نجد أن الأطفال أكثر عرضة بسبع مرات للقول بأن الأشياء من صنع الله لدرجة أنه من الواضح أن الأطفال لديهم مفهوم فطري عن الله حتى بدون تدخل الكبار إنهم يعتمدون على تجربتهم اليومية للعالم المادي ويبنون مفهوم الله على أساس هذه التجربة.]وليست أوليفيرا وحدها من أكدت هذا الميل الفطري في الأطفال بل تجد عالم النفس الأمريكي جيمس هنري لوبا مؤكدًا لما أشارت إليه أوليفيرا قائلاً [يندهش الكثير وهم يشاهدون استيلاء سؤال الخلق على خواطر الأطفال يشاهد الطفل حجرا غریب الشكل فيسأل من الذي صنعه؟ فيجاب : تشكل بفعل تيار الماء، ثم فجأة يقذف بأسئلة متعاقبة بذهول : من صنع النهر ؟ من صنع الجبل ؟ والأرض؟ لا أن شك ضرورة وجود الصانع مغروسة في الإنسان البدائي منذ وقت مبكرد.]• إلحاد وصرخة
اعتراف الملحد جيسي مايكل بيرنج وهو بروفيسور علم النفس في العلوم المعرفية والأسس التطورية للسلوك البشري وعلوم الإتصال في جامعة أوتاجو ، وهو كاتب ومدون لكثير من المجلات العلمية والذي كان ملحدًا متشدداً في السابق وتحول للاأدرية بعد أبحاثه عن الفطرة والإيمان ، صرح في مقال له على الجارديان عنوانه [نحن مبرمجون للإيمان بالله]ويخبر بيرنج عبر تجاربه أن اعتقادنا بالله غريزي تماماً والاعتقاد بأن كائنات خارقة للطبيعة تراقبك أمر أساسي جدًا لكونك إنسانًا طبيعي حتى أن الملحدين المتشددون لديهم لحظات تتحول فيها أذهانهم في اتجاه خارق للطبيعة ، كما فعل هو عَقِبَ وفاة والدته، فلا تستيقظ الفطرة فيهم إلا حين يغشاهم الموج كالظلل ويقول البروفيسور بيرنج إن الملحدين "اختبروها ويعرفونها لكنهم يرفضون هذا الحدس الغريزي كنوع من التجاوز إنهم يدوسون على حدسهم المباشر لكن هذا لا يعني أنهم لم يجربوا هذه الغريزة لأن لدينا جميعًا نفس الدماغ الأساسي وقد تطورت أدمغتنا للعمل بطريقة معينة." جيسي بيرنج ذاك الملحد الذي تراجع عن إلحاده الإيجابي ليس وحده من أقر بالفطرة بل تجد تأكيد هذا عند عالم النفس الملحد سكوت أتران وهو ومدير الأبحاث الأنثروبولوجيا في المركز الوطني للبحث العلمي في باريس يقول [من الناحية التطورية في الدين إن المفهوم الخارق للطبيعة مشتق ثقافيا من مخطط إدراك فطري.]سكوت وبيرنج ليسوا وحدهم من أقروا بالفطرة بل أكدت دراسة أخرى أجرتها ديبورا كليمان وهي عالمة النفس والدماغ في جامعة بوسطن موافقة تماماً لما طرحه سكوت وبيرنج من خلال اكتشاف "أن أطفال المدارس الابتدائية من الخلفيات الدينية وغير الدينية على حد سواء يذكرون أنه حتى لو لم يصنع الناس النجوم والسحاب ، فإن هناك نوعًا آخر من الكائنات المتعمدة - الله - قد صنعها"الإيمان الفطري بوجود إله مصمم لا يحتاج إلى حشد أدلة عليه فتخيل أن الإستدلال العقلي بالسببية والشعور الفطري للطفل عبر تأمله للأشياء يكفيه ليُقر للخالق بعظمة هذا التصميم بينما يخوض الملحد في بديهيات العقل ناسفًا للمنطق ، مكذبًا لغريزته ، مكابرًا عليها ساخطًا ورافضًا لها لأسباب نفسية سنشرحها لاحقًا وكما يقول ابن القيم رحمه الله [ كُلُّ مولود فإنه يولد على مَحَبَّتِهِ لِفاطِرِهِ، وإقراره له بربوبيته، وادعائه له بالعبودية؛ فلو خلي وعدم المعارض؛ لم يعدل عن ذلك إلى غيره]
• وكل عالم نفس درس هذا، يعلم تجذر مفهوم الله في الذهن البشري ، يقول عالم النفس الديني ويليام بوثبي [ إذا كان هناك أي معنى على الإطلاق في مصطلح "الدين الطبيعي" فإنه يعني أن الدين مرتبط ارتباطًا وثيقًا بالعمليات الطبيعية للطبيعة البشرية.]
ويقول الفيلسوف البريطاني وأستاذ الفلسفة الفخري بجامعة وارويك ورئيس الجمعية الأوروبية لفلسفة الدين روجر تريج وهو المدير المشارك لمشروع أوكسفورد حول الإيمان والطبيعة البشرية ، لمدة مشروع أستمر ثلاث سنوات ، والذي ضم أكثر من 40 دراسة مختلفة من قبل عشرات الباحثين الذين بحثوا حول الإعتقاد في بلدان مختلفة من الصين إلى بولندا والولايات المتحدة إلى ميكرونيزيا يقول روجر مستخلصًا لهذه الدراسات: [إن الأطفال على وجه الخصوص يجدون من السهل التفكير بطريقة دينية كالإيمان بإله عليم بكل شيء]
فمعارف الإنسان الطبيعية خلقها الله لتهيئته للإيمان به سبحانه ولا حاجة لنقاش في بديهية مجبولة داخلنا ، فإذا كنت تريد رؤية الله وفي أنفسكم أفلا تبصرون ومن ضمن هذه الفطرة ترسخ اعتقاد الإنسان الفطري بثنائية الروح والجسد وتفريق البشر بينهما غريزيًا وهذا مما أودعه الله في خلقه ، لتعلمه أنه مخلوق عائد إليه ليوم عظيم، ومما يؤكد قول : إنّ الشعور الإيماني يتوافق بصورة أكبر مع الصَّنْعَةِ الإلهيَّةِ للإنسانِ، هو أَن الملاحدة يعانون بشدة أَمر إنكارِ إِيمانهم بالله حتى إنَّ إحدى الإحصائياتِ قد أَثبتت أَنَّ %38 ممّنْ يُعَرفون أنفسهم أَنَّهُمْ ملاحدة أو لا أَدريون أَقروا بإيمانِهِمْ بإلهِ أو قوة عُظْمَى
• وقد أظهر استطلاع أَجراه معهد "أوستن" لدراسة الأُسرة والثقافة سنة 2014 مع 15738 أمريكيا ؛ أَثبت هذا الاستطلاع أن (32 %) من الأمريكيين الذين عرفوا أنفسهم بأنهم ملحدون يؤمنون بالحياة بعد الموت كبقاء الوعي أو زيارة عالم آخر وهو إيمان بالثنائية • وأشار الصحفي والمذيع التلفزيوني السير ديفيد فروست في كتابه عن مقابلات لملحدين ولا دينين يقول [ إن غالبية أولئك الذين ادعوا أنهم لا دينيون قبلوا جانبًا أو أكثر من المعتقدات : مثل الحياة بعد الموت أو التناسخ ، 71٪ من الملحدين و 92٪ من اللاأدريين يحملون على الأقل اعتقادًا خارقًا واحدًا .... ويعتقد حوالي ثلث الملحدين و 40٪ من اللاأدريين في بريطانيا بالقدر و 20٪ من الملحدين يؤمنون بحياة بعد الموت ، مقارنة بـ 55٪ من عامة السكان.] • وقد أثارت دراسات عالم الأنثروبولوجيا الملحد (باسكال بوير) بعد مقاله الذي نشره في مجلة Nature سنة 2008 صدمة للباحثين، حيث أكّدت دراساته عمق البناء الديني والغائي في العقل الإنساني وتفكيره ، فعلّق أحد الباحثين على مقاله بمقال ظريف عنوانه: ( اكتشف العلماء أنه ربما لا يوجد ملاحدة) وهي الفكرة التي عبّر عنها باحث ملحد آخر في مجلة New Scientist بقوله: ( الالحاد أمر مستحيل نفسيا، بسبب الطريقة التي يفكر فيها البشر... هناك دراسات تظهر أنه حتى الأشخاص الذين يدّعون أنهم ملحدون يلتزمون بصورة ضمنية بمعتقدات دينية مثل وجود روح خالدة) • وارتباط ميول الإنسان للتفكير في فلسفة السماء وما بعد الموت والقيمة لأنه ليس ابن هذا العالم المادي المؤلم قطعًا ، وقد أشار المدير المشارك لمشروع أوكسفورد روجر تريج في كتابه إلى أن [الثنائية "والإيمان بالروح والجسد" هي الفطرة السليمة والطبيعية للإنسان، فقط لأن هذه هي الطريقة التي يفكر بها البشر بشكل طبيعي.]
لهذا نرى حتى الملحدين أنفسهم يفصلون بين الإنسان كمادة وبين قيمة روحية معنوية وبهذا معلنين عن الفطرة التي تصرخ بداخلهم، فقيمة الإنسان وحرمته تكون بالإعتقاد أن له روح سامية خالدة كما تعتقد الأديان ، الملحدين ينكرون ثنائية الروح والجسد قولًا بأفوههم فقط ويقرون بها عملاً بالجوارح وهذ مكابرة سحيقة توقعهم في مأزق الفطرة وصراع فكري نعلم كيف ينتهي بنتائج مأساوية ، وشرحنا في مقال مفصل تجارب الإقتراب من الموت ووجود الروح وهي التجربة التي أدت بالفيلسوف ألفرد آير رأسُ مؤثر إحدى أهم المدارس الفلسفية في القرن العشرين ،أن يقول بعد تجربته الخاصة إثر توقف قلبه عن الخفقان لمدة أربع دقائق قائلاً [في ظاهر الأمر ، فإن هذه التجارب ، على افتراض أن التجربة الأخيرة كانت حقيقية ، هي دليل قوي إلى حد ما على أن الموت لا ينهي الوعي.] وقد أشار روجر تريج في كتابه نقلاً عن عالمة الأنثروبولوجيا إيما كوهين التي أجرت دراسات تبحث فيها حول امتلاك الروح أن فكرة مغادرة الروح من الجسد والثنائية بديهية في الإنسان وتضيف أن هذه الفكرة مدعومة بميل معرفي أساسي في الإنسان للنظر إلى أنفسنا والآخرين على أنهم وعي غير مادي ، أو أرواح تحتل الأجساد.
وما يشير لصراخ الفطرة اعتراف الفيلسوف الملحد والمتشدد جان بول سارتر قبل وفاته بأسبوع قائلاً : "أنا لا أشعر بأني نتاج للصدفة ، أو ذرة تراب في الكون ، بل أشعر أني شخص كان منتظرًا ، مُعد مسبقًا ، باختصار ... كائن لا يمكن أن يضعه هنا إلا خالق ، وهذه الفكرة عن اليد الخالقة تشير إلى الله." جن جنون الملاحدة أتباع فلسفة سارتر الوجودية بعد أن خان سارتر عقيدته الإلحادية في آخر أسبوع له قبل وفاته، ليدمر بذلك كل ما بناه للإلحاد طوال عمره ، ليصدم الجميع وعلى رأسهم عشيقته الناشطة والمؤثرة على الفكر النسوي الوجودي سيمون دي بوفوار ، وهي التي قامت مع سارتر بتأسيس مجلة "Les Temps Modernes" وقد أصابها الذعر بعد تصريح سارتر وعلقت قائلة عليه
[
كيف ينبغي للمرء أن يفسِّر هذا التخريف الصادرَ مِن ناكصٍ على عقبَيه؟... كل أصدقائي وكل السارتريين وفريقُ تحرير مجلةِ "LesTemps Modernes" دعموني في محنتي، إذا كان تصريح سارتر صحيحا، فهل كان يحسُن بزملائه الوجوديين التفاعل بهذه الطريقة! ، لأن هذا التراجع الواضح(من قِبل سارتر) يعتبر إدانة للسارتريّة الإنسانية مِن قِبَل سارتر نفسه.]
وإذا كنتم مندهشين كيف خان
بول سارتر عقيدته الإلحادية قبل موته بأسبوع واتبع فطرته ، فكيف ستكون ردة فعلكم إذا أخبرناكم أن الناشطة النسوية الفرنسية والمتعصبة
سيمون دي بوفوار والتي أدانت مؤسسة الزواج باعتبارها مؤسسة "فاحشة" تسببت في استعباد النساء في كتابها
الجنس الثاني ، هي أيضاً خانت فكرها النسوي وأتبعت فطرتها منجرفة مع عشيقها الثالث "
نيلسون ألجرين" قائلة له في إحدى رسائلها "
إني مُستعدة لأن أطبخ لك ، وأنظف المنزل ، وأغسل الأطباق ، سأكون لك زوجة عربية مُطيعة" لتدمر هي أيضاً بذلك كل مسيرتها، وكل ما كتبته للفكر النسوي طوال عمرها ، إنها
الفطرة ، وقد أدانتها الكاتبة
لورين دو جراف ووصفتها بالمتناقضة مع مبادئها النسوية التي لطالما روجت لها
• كل الذي قرأتموه قبل قليل من خيانة هؤلاء لفكرهم منقادين لفطرتهم مثل الملحد بول سارتر عند اقترابه من الموت ، هو مثال حي أمامكم ، ومؤكدًا لدراسة أجريت في جامعة (Otago) تقول الدراسة فيها [ إن الذين لا يؤمنون بإله وإن كانوا ينكرون صحة الأديان فهم اذا فكروا في موتهم فسيتحولون في لاوعيهم إلى موقف اكثر قبولا للاعتقادات الدينية] رابط الدراسة وقد ذكر الله سبحانه وتعالى هذه الطريقة لكشف حقيقة موقف الإنسان من وجود الله وحاجته ؛ إذ يقول تعالى ﴿ وإذا غشيهم موج كالظلل دعوا الله مخلصين له الدين فلما نجاهم إلى البر فمنهم مقتصد ۚ وما يجحد بآياتنا إلا كل ختار كفور [لقمان: ۳۲]؛ أو كالمثل القائل ( لا يوجد ملحدون في الخنادق ) ويشير الفيلسوف الأمريكي ميلفيل ستيوارت إلى أنه من المقبول على نطاق واسع أن المعتقدات الروحية السائدة عالميًا تشير إلى أن البشر يميلون بشكل طبيعي إلى المعتقد الروحي ؛ وتجد هذه التصرفات الفطرية تمامًا كما هو حال الإنسان مع اللغة.]
وقد حاولت أم مسيحية متزوجة من ملحد أن لا يتم تلقين أطفالها أي معتقد عن الله أو الإلحاد فكانت صدمة الأم بأن فتياتها الثلاث يمتلكن إيمان فطري وراسخ بالله بل تخيل أن إحدى الفتيات تشاجرت مع والدها صارخة عليه أنه مخطئ باعتقاده أن الله غير موجودونجد أيضاً عالم النفس والإدراك في جامعة يال بول بلوم يقول مؤكدًا مرة أخرى [إن عقولنا مضبوطة جيدًا للإيمان بالله إن هذا يحدث لأن بعض القدرات المعرفية التي جعلت البشر ناجحين جدًا كنواع تميل إلى خلق استعداد للتفكير الخارق ... يوجد الآن الكثير من الأدلة على أن بعض أسس معتقداتنا الدينية راسخة (في الدماغ).] وتقول الصحفية والكاتبة حول علم الآثار والسلوك البشري ستيفاني باباس إن الإيمان بالله يتلخص في الشعور الغريزي • الكهنوت في وجه الفطرة
قامت مجالس المدارس في الولايات المتحدة الأمريكية بحظر أي محاولة لمناقشة نقاط ضعف نظرية التطور او الإشارة للخالق ونجد تعقيب جيم نيلسون بلاك وهو عضو في الرابطة العلمية للعلماء عن هذا الإرهاب العلمي لتلقين الأطفال من جانب واحد فقط قائلاً [إن التلقين من جانب واحد قد لا يكون كافياً لتغيير ما يعتقده الأطفال غريزيًا بالله]
محاولة محو الغريزة الطبيعية التي أودعها الخالق كحجة في خلقه هي معركة ضد الطبيعة البشرية تحط رحالها اليوم ، حرب ضد المنطق والغاية حرب ضد الإدراك والهدف حرب ضد كل معاني العقلانية وحجر للتفكير وغسل للأفكار ونشر للغايات المؤدلجة وتقويص للعقل هذا هو التلقين والتدجين والتغيب والترهيب وكل مصطلح ينطق به الملحد ضد الأديان تجدها هنا بدوغمائية يقول دومينيك جونسون عالم الأحياء التطوري ودكتور العلوم السياسية في جامعة أكسفورد إشارة منه لهذه المحاولات الداعمة للإيديولوجيا الإلحادية [يعتقد الأطفال بالقوة الخارقة للطبيعة ويلاحظونها في كل مكان ويجدونها طبيعية تمامًا، وحتى سنوات التعليم العلماني يمكن أن تفشل في القضاء على هذه المعتقدات ، الإلحاد هو معركة ليس فقط ضد الثقافة ، ولكنه ضد الطبيعة البشرية أيضاً.]فالأطفال يصعب تلقينهم الإلحاد وطمس الله من فطرتهم الطبيعية فلا أهواء لديهم وقد دُهشت أم ملحدة من أكسفورد عندما اكتشفت أن ابنها ذا الخمس سنوات كان يحمل إيمانا راسخا بالله رغم محاولاتها الجاهدة لتجعله ملحدا ، وهذا نقلًا عن دراسات عالم النفس التجريبي جاستن باريتونجد هذا يؤكد ما أشار إليه عالم النفس التجريبي جاستن إل باريت حين قال الإيمان بالله لا يتطلب إكراها أو غسيل دماغ أو تقنيات خاصة.. بدلا من ذلك ينشأ الإيمان بالله بسبب الأداء الطبيعي للأدوات العقلية الطبيعية تماما والتي تعمل في سياقات طبيعية و اجتماعية مشتركة. وقد أشار باريت إلى هذا في العديد من الأبحاث والمحاضرات• إيمان وورطة
كل محاولة يائسة لنزع الله من قلوب الأطفال تبوء بالفشل فإيمانهم مغروس بجذور عميقة ، يقول عالم النفس بول بلوم [عندما سُئِلَ الأطفال بصورة مباشرة عن أَصل الحيوانات والنَّاسِ، مالوا إلى تفضيلِ التفسيرات التي تنطوي على خالق صاحب قصد، حتى لو لم يكن للبالغين الذين ربّوهم الرؤية نفسها] ويقول دومينيك جونسون عالم الأحياء التطوري ودكتور العلوم السياسية في جامعة أكسفورد "لن تتوقف أدمغة البشر فجأة عن الإيمان بالعوامل الخارقة للطبيعة ، أو بالعواقب الخارقة لأفعالنا لأنهم لا يستطيعون ذلك ، العقل البشري موصّل بتبني مفاهيم خارقة للطبيعة سواء كنا ننتمي إلى الكنيسة أم لا ، يمكننا أن نطمح إلى الإلحاد ، وترشيد سلوكنا ، وتعلم العلم ، لكن لا يمكننا إيقاف الآليات المعرفية الطبيعية التي تتمثل وظيفتها في إدراك الفاعلية ، والنية ، والغرض في هذا العالم." فالعقل البشري مجبول على الإيمان بالله رغمًا عنه
ويقول هنري لوس سكولار أستاذ الذاكرة الفردية والجماعية في جامعة واشنطن في سانت لويس [إن تفسير المعتقدات والسلوكيات الدينية يمكن العثور عليها في الطريقة التي تعمل بها جميع العقول البشرية وأعني حقًا كل العقول البشرية وليس فقط عقول المتدينين] فالطبيعة البشرية للإنسان أنشأها الله لتعترف به رغمًا عنها ورغم التلقين المعاكس فيقول هوارانج مون في كتابه نقلاً عن دراسة أجرتها إخصائية علم النفس وروحانية الأطفال ريبيكا ناي مع استاذ الأحياء ديفيد هاي [إن سمات التعرف على وجود الله والاعتماد على الله فطرية في عقل كل شخص]والمعارف الإدراكية للإنسان خلقت لتهيئة الإنسان بالتكليف الإلهي للإيمان به وبالماورائيات وتهيئته للإيمان بالرسالات بينما الملحد يعيش اضطرابًا نفسيًا مخالفًا لكل هذه البديهيات وضاغطًا على نفسه في صراع رافضًا لها كما سنبين لاحقًا وكما يعترف عالم النفس رالف ويلبر هود [الاستنتاج هو أن الدين مبني بشكل طبيعي في البشر.] الفطرة أقوى جواب على سؤال الغاية وأكمل إجابة على سؤال "لمَ" وكما قال الفيلسوف الملحد فريديرك نيتشه [من يمتلك "لمَ"يستطيع العيش تحت أي كيف] من يمتلك اجابة لماذا نحن موجودون يستطيع العيش تحت أي ظرف وتحمل أي عبء ، فإذا كان الإيمان بالله فطريا في غرائزنا فهو أقوى برهان على وجود الخالق وغاية وجودنا ، شاء الملحد هذا أم لم يشأ أعجبه هذا أم لم يعجبه فلن يغير صراخه من الحقيقة شيئا، فهذه الفطرة التي أودعها الله في خلقه واعترف بها علماء الأنثروبولوجيا وعلماء النفس والأكاديميون من ملاحدة ومؤمنين عبر دراساتهم هي الحجة الكافية عليك يوم القيامة ، نحن خُلقنا لنعبد وهذه هي الفطرة البشرية وما الالحاد إلا اضطراب نفسي كما سنبين في مقال الإلحاد والمرض النفسي ، عالم النفس الملحد باسكال بوير وهو متخصص في تحليل الجذور المعرفية للمعتقدات البشرية اعترف [ إن الإيمان بالدين والإفكار الدينية هو المناسب لمعرفتنا البشرية والعقلية وهو الفطرة الأساسية بينما الكفر يكون نتيجة عمل متعمد من قِبل الفرد ومجهد لصاحبه، وضد تصرفاتنا المعرفية الطبيعية - وهي أصعب الافكار ترويجاً]
في المرة القادمة التي تسمع فيها ملحدًا يقول لك يولد الإنسان لا دينيًا حتى تتم أدلجته ، نمكنك هنا من البصق على وجه ذلك المؤدلج وجلده بسياطك دون رحمة وتابع مقال الإلحاد والمرض النفسي ففيه والله ما يدمي قلوب الملحدين الذين يحاولون الظهور كعقلانيين والصراخ بأقوى صوت نحن مثقفون!! ثم اقرأ الالحاد والعلم وازعاج المنطق ففيه تعرية لهم من التسلق باسم العلم وكما يقول البروفيسور أوستن أومالي [الإلحاد هو مرض العقل الناتج عن تناول الفلسفة غير الناضجة]
وبعد كل ما استعرضناه لا يستقر هذا البرهان في قلب مكابر ويمكن أن يرد عليه بأعذار واهية تبرر مالا سبيل لتبريره او ترمى عليه سفسطة لتتبع هوى النفس في غَيِها وكما يقول شيخ الإسلام ابن تيمية : «واعلم أنه ما من حقٍّ ودليلٍ إلا ويمكن أن يَرِدَ عليه شُبه سوفسطائية؛ فإن السفسطة: إما خيالٌ فاسد ، وإما مُعاندةٌ للحقِّ وكلاهما لا ضابط له؛ بل هو بحسب ما يخطر للنفوس من الخيالات الفاسدة، والمعاندات الجاحدة!»
تابع بقية السلسلة بالنقر على الموضوع :