JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

إجماع المؤرخين والمستشرقين على حجية السنة النبوية والثراث الإسلامي



تكلمنا في المقال السابق عن منهجية الإستشراق القديم والمعاصر والتنويريين في تفكيك نصوص التراث الإسلامي وتفسيره ببئته الأرضية وأسبابه المادية لا السماوية؛


 وبينا كما قال الان تورين عالم الإجتماع الفرنسي والناقد للحداثة [تحل فكرة الحداثة فكرة العلم محل فكرة الله في قلب المجتمع وتقصر الإعتقادات الدينية على الحياة الخاصة بكل فرد]

ويظهر بشدة الإنتماء العقلي لهذا المنهج في كتابات المستشرقين حول الإسلام ولما دائماً كتاباتهم عبارة عن شكوك لا براهين، مثل المؤرخ الفرنسي ماكسيم رودنسون الذي رد الإسلام مع جميع الأديان الأخرى إلى الخيال الشعبي المتواتر لا النور الإلهي فيقول [هناك فجوة كبيرة بين الإسلام كما أصبح الآن والمصدر الأصلي، ولو لم يكن الأمر كذلك، فكيف يمكن للمرء أن يفسر الدعوات إلى الإحياء والتجديد التي تتكرر عبر تاريخ الإسلام؟ وهذه الديناميكية تنطبق على جميع الأديان، في الواقع هذا ينطبق بشكل أو بآخر على جميع الأيديولوجيات والحركات الأيديولوجية، بما في ذلك الماركسية] أضغط هنا



ولولا الفارق الزمني لقلت أن المدعو ماكسيم هو تلحود عربي أو نصراني متخفي بحساب تلحود يحاول القضاء على الإسلام بالكوميكس وشبهات الكنيسة، وقد بين الدكتور إبراهيم السكران هذه النظرة الساذجة لفهم التراث بأنها [خلط بين طبيعة التجديد الإسلامي والتجديد العلمي, فالأول يعني العودة للأصل والثاني يعني تغيير الأصل، الأول يعني تغيير البدع المحدثة والناشئة مع تغيير الأسلوب لا الأصل والأساس، والثاني يعني تغيير المفهوم التقليدي والمشهور ويسمى "إبداع" وتغيير المفهوم الأصلي للشرع يسمى "إبتداع" وكلاهما يتعاكسان في المفهوم على خلاف ما روج له المتنورين العرب والمنبطحين بأنه يجب علينا تغيير مفاهيمنا التراثية والشرعية كما يغير الغرب مفاهيمه عن الماضي حتى نصعد إلى زحل والمشتري دون مراعاة المفهوم ونتائج القياس بما لا يصلح للقياس فكلاهما معاكس للأخر] هذه الجزئية من شرحي أنا :)


فكما نرى النظرة الضيقة والجاهلة مع إعتماد أيدلوجية أخرى هي الأساس في كلامه وحكمه على الأمور وهي "الحداثة" المردودة كذلك إلى الخيال الشعبي والذي قاده رواد عصر التنوير الأوربي فـ يال التناقض! لكن برغم أن كتاباتهم اي "المستشرقين" عبارة عن شكوك أصلاً وتلك هي منهجيتها ولا يفترض أن ننتظر إنصافاً منهم لأن ذاك مخالف لطبيعة أعمالهم، مع ذلك سنستعرض ما وقفنا عليه من كلماتهم في شأن الإسلام المبكر ومرجعيته لأصله النبوي وليس مجرد خدعة عباسية ذكية لاحقة لزمن النبي صلى الله عليه وسلم..

قولهم في دقة علم الحديث الإسلامي.

يقول أستاذ الدراسات الإسلامية دانيال براون [لقد طور المسلمون نظامًا دقيقا ومعقدًا للنقل والدراسة والتقييم للحديث «علم الحديث»]


ويقول المؤرخ النصراني أسد رستم [وأول من نظم نقد الروايات التاريخية ووضع القواعد لذلك علماء الدين الإسلامي، فإنهم اضطروا اضطراراً إلى الاعتناء بأقوال النبي، وأفعاله لفهم القرآن وتوزيع العدل، فقالوا: إن هو إلا وحي يوحى، ما تلي منه فهو القرآن وما لم يتل فهو السنة ، فانبروا الجمع الأحاديث ودرسها وتدقيقها فأتحفوا علم التاريخ بقواعد لا تزال، في أسسها وجوهرها، محترمة في الأوساط العلمية حتى


ويقول أيضاً [والواقع أنه ليس بإمكان أكابر رجال التاريخ في أوربا وأمريكا أن يكتبوا وها أنا الآن أضع بين يدي القارئ أحسن منها في بعض نواحيها، وذلك على الرغم من مرور سبعة قرون عليها ؛ فإن ما جاء فيها من مظاهر الدقة في التفكير والاستنتاج، التحري الرواية والمجيء باللفظ، يضاهي ما ورد في الموضوع نفسه في أهم كتب الفرنجة في ألمانيا وفرنسا وأمريكا وبلاد الإنجليز ... وبعض القواعد التي وضعها الأئمة منذ قرون عديدة للتوصل إلى الحقيقة في الحديث تتفق في جوهرها وبعض الأنظمة التي أقرها علماء أوربا فيما بعد في بناء علم المتودولوجيا، ولو أن مؤرخي أوربا في العصور الحديثة اطلعوا على مصنفات الأئمة المحدثين، لما تأخروا في تأسيس علم المتودولوجيا حتى أواخر القرن الماضي]  


ويقول المستشرق الشهير برنارد لويس [أدرك المسلمون خطر الشهادات الزائفة والتشريع المبني عليها فأسسوا وطوروا علما مفصلا ومعقدا ومحكما لنقدها وهو علم (الحديث والحقيقة أن التدقيق المتأني لتسلسل النقل عن الرواة أعطى كتاب السيرة قيمة الاحترام وأكسبها نسقا ليس له سابقة بالتاريخ وليس له مواز بالغرب


ويقول المستشرق الألماني كارل بروكلمان [ولقد نقل الينا المسلمون كل ما قام به النبي من أعمال ، صغيرة كانت أم كبيرة، في تلك الأيام، بدقة واسهاب، وإنما يعتبر المسلمون هذه الحجة، الى اليوم، نموذجاً يحتذونه في اداء الشعائر المقدسة اداء صحيحاً


وقال المستشرق هارولد موتزكيبالإمكان إثبات أن مصنف عبد الرزاق يرجع إلى الوقت الذي يزعمه المسلمون»، وقال: «أصبح من الصعب على المستشرقين في هذا الوقت زعم أن لمسلمين زيفوا الإسناد في بداية منتصف القرن الثاني»وشرح قائلا: و من خلال الأسانيد ] تبين أنه من المستحيل (من ناحية الاحتمالات) تزييف كل هذه الأسانيد التي تفرعت على هذه المدة الطويلة، وعلى مناطق جغرافية شتى، وعلى رجال بهذا العدد الكبير ولكن الإسناد بقي إلى درجة كبيرة متصلاه


ويقول البروفيسور سبركر كان [أعلن هؤلاء إعجابهم بالطريقة التي تم بها جمع الأحاديث النبوية، وبالعلم الخاص بذلك عند علماء المسلمين]


ويقول القس والمشكك ديفيد مرجليوث [برغم أن نظرية الإسناد قد أوجبت الكثير من المتاعب نظرا لما يتطلبه البحث في ثقة كل راو ولأن وضع الأحاديث كان أمرا معهودا وجرى التسامح معه بسهولة أحيانا إلا أن قيمتها (نظرية الإسناد) في تحقيق الدقة لا يمكن الشك فيها والمسلمون محقون في الفخر بعلم حديثهم]


ويقول أيضاً [حتى وإن لم نصدق أن جل السنة التي يعتمد عليها الفقهاء في استدلالاتهم صحيحة، فإنه من الصعب أن نجعلها إختراعاً يعود إلى زمن لاحق للقرن الأول


وتقول المؤرخة البريطانية كارين ارمسترونج [وهكذا بدأ العلماء المسلمون في القرنين الثامن والتاسع الميلاديين بحث وجمع أحاديث محمد (السنن القولية والفعلية) وقاموا بالتنقل في أنحاء الإمبراطورية الإسلامية ليكتشفوا أكبر قدر مستطاع من الروايات الصادقة عن أشياء قالها أو فعلها في مناسبات معينة، وتكون الأحاديث مع القرآن أصول الشريعة الإسلامية، كما أصبحت أيضاً أساساً للحياة اليومية والروحية لكل مسلم. فقد علمت السنة المسلمين محاكاة أسلوب محمد في الكلام والأكل والحب والاغتسال والعبادة لدرجة يعيدون معها إنتاج حياة النبي على الأرض في أدق تفاصيل حياتهم اليومية بأسلوب واقعي، أي أنهم، وعلى مستوى رمزى، يحيونه مرة أخرى


وينقل لنا الشيخ مصطفى صبري التوقادي عن أحد العلماء الألمان قوله [إن الدنيا لم تر ولن ترى أمة مثل المسلمين، فقد درس بفضل علم الرجال، الذي أوجدوه حياة نصف مليون رجل]


ويقول المستشرق رينهارت دوزي [أن الإشكالات أو التناقضات التي تبدو في الأحاديث المصححة عند المسلمين حجة أن المسلمين لم يختلقوا هذه الأحاديث، فليس من صنيع الكذبة فتح باب للجدل في ما يسعون النصرته أو تجميله]


ويقول المؤرخ اليهودي فرانز روزنتال [والواقع اننا قد نشك في وجود أي مكان في التاريخ الأول كانت فيه المؤلفات التاريخية تعادل في كثرتها ما كان للمسلمين . ان مؤلفات المسلمين التاريخية قد تعادل في العدد المؤلفات الاغريقية واللاتينية ، ولكنها بالتأكيد تفوق في العدد مؤلفات أوربا والشرق الأوسط في العصور الوسطى ولاشك انه لم يكن بالامكان اختفاء مكانتها الممتازة في الحركة الادبية الاسلامية عمن اتصل بالعرب من علماء الغرب ، غير ان هؤلاء العلماء اهتموا بالعلوم والفلسفة واللاموت وهم كأفرانهم من المسلمين الاعتياد بين ، لم يسيغوا الرضوخ الى درجة الاقرار بأية معرفة عن وجود مؤلفات تاريخية]


ويقول المؤرخ الفرنسي إرنست رينان [فجذور الإسلام ليست خفية في باطن الأرض، وحياة مؤسسه معروفة عندنا كمعرفة حياة المصلحين في القرن السادس عشر


ويقول المؤرخ الأميركي روبرت هويلاند معترضاً على أراء المتحيزين ضد المصادر الإسلامية [لا أريد أن أدافع عن المصادر الغير الاسلامية على حساب المصادر الاسلامية ، في الحقيقة ، إن هذا التبعيض زائف في حجتي. فقد سكن المسلمون وغير المسلمين في العالم يتفاعلون مع بعضهم بعضاً ، ويقرأون كتابات بعضهم البعض. وفي هذا الكتاب ، التمييز الذي أقوم به هو ببساطة بين المصادر المبكرة والمتاخرة ، وأنا أؤيد الأول على الأخير بغض النظر عن الانتماء الديني لمؤلفهم]

ويقول الباحث الأندونيسي (منعم سري) - تلميذ ( غبريال رينولدز) المستشرق المعروف وأحد رؤوس الدراسات القرآنية الاستشراقية اليوم في كتابه الحديث: الجدل حول الأصول الإسلامية»، والخاص بسبر أوجه الجدل حول الإسلام وأصوله في عالم الأكاديميا في الغرب، خاصة في العقود الأخيرة: ( يبدو أن الإجماع العلمي حول تاريخ المصادر المبكرة قد اقترب إلى الأحداث التي زعمت هذه المصادر أنها قد نقلتها، على الأقل ليس ذلك في القرن الثالث / التاسع. حتى [المستشرق] التنقيحي (بيرغ) يعترف - بعد فحص مفصل للأحداث المهمة في حياة (محمد) وإعادة بناء التنقيحات السابقة، أن (غورك) و (شولر) قد استطاعا سد فجوة الـ 200 عام بين الحدث،المزعوم وتقاريره الموجودة، إلى أقل من 100 عام

وقال الدبلوماسي و المفكر النصراني نصري سلهب في كتابه " على خطى محمد " ما نصه : «ونحن لا نجهل وذاك أمر غدا معروفا - ما اتصف به عرب الجزيرة ، بصورة خاصة ، من قوة الذاكرة وقدرة فريدة على الحفظ والأداء، فإذا كانوا قد حفظوا آلافاً من أبيات الشعر، ولا مصلحة لهم فيها ولا عروة تشدّهم اليها ، فليس عجبا ، بل من الطبيعي البديهي ، أن يحفظوا كلاما صادرا عن النبي - و للنبي في نفوس العرب منزلة لا تعدلها أية منزلة في البشر - وأن يحتفظوا بهذا الكلام في قلوبهم وخواطرهم ، وعلى الرق والورق و على أي شيء يُخط عليه و ينقش ، ولا سيما وهو كلام يعتبر حجر الزاوية في ذلك الصرح العظيم الذي بناه محمد بالكلمة الخطيرة الواعية البليغة ، وبالعمل الخطير الواعي البليغ»


وقال أيضاً : «ولم يقدر لاي سفر، قبل الطباعة، أيا كان نوعه و أهميته ، أن يحظى بما حظي به القرآن من عناية و اهتمام، و أن يتوفر له ما توفر للقرآن من وسائل حَفَظَتْه من الضياع والتحريف، وصانته عما يمكن أن يشوب الاسفار عادة من شوائب»


أقوالهم في وجوده صلى الله عليه وسلم وسنته تاريخياً.


قمت بالفصل بين كلامهم في حجة النقد الحديثي الإسلامي وقولهم في وجوده صلى الله علقه وسلم لمنع التشويش والخلط بالكلمات رغم أن كلا المفهومين يفضي إلى نتيجة واحدة إلا أن طريقة السرد تختلف ..

وقد بلغت من الأدلة المتواترة على وجوده صلى الله عليه وسلم ما عجز عنه المشككين في نفيه ودحضه ولو بالخيال، فيقول المستشرق وليام جراهام [إنه لمن الخطأ أن نرى هذه السنة الحية في مجتمع الصحابة والتابعين الكبار على أنها قد أسست بشكل واع كمعيار مختلف عما كان مفهوما كسنة للنبي، فما مارسه مجتمع ما بعد النبوة لم يعتبر إلا استمرارًا لما مارسه المجتمع في عصر محمد]


ويقول أستاذ التاريخ الإسلامي في جامعة شيكاغو فريد دونر [يمكن للمؤرخ الشعور بمزيد من الثقة في أن محمد ليس بالكامل مستوحى من الخيال الديني اللاحق كما أشار البعض؛ نحن نعلم أن شخصا اسمه محمد كان موجودًا بالفعل وأنه قاد نوعًا من الحركة وهذه الحقيقة بدورها تمنحنا ثقة أكبر في أن المعلومات الإضافية حول الكم الهائل من المواد الإسلامية التقليدية قد تكون أيضًا متجذرة في الحقيقة التاريخية]


ويقول الباحث والبروفيسور البريطاني في جامعة لندن جورج البرت ويلز [الأدلة المتعلقة بتفاصيل سيرة يسوع غير شافية، لو كانت سيرته لها شهادات جيدة كما هو الأمر مع يوليوس قيصر، ومحمد، والملكة آن، لما احتاج أحد إلى تشويه الأدلة المتعلقة بذلك باعتبارها، تؤسس المحض احتمالات وأن يبحث في مكان آخر عن اليقين]


ويقول المستشرق الإنجليزي ريجينالد بوسورث سميث [أما الإسلام فأمره واضح كله، ليس فيه سر مكتوم عن أحد، ولا غمة ينبهم أمرها على التاريخ؛ ففي أيدي الناس تاريخه الصحيح، وهم يعلمون من أمر محمد ﷺ كالذي يعلمونه من أمر لوثر وملتون وإنك لا تجد فيما كتبه عنه المؤرخون الأولون أساطير، ولا أوهاما ولا مستحيلات، وإذا عرض لك طرف من ذلك أمكنك تمييزه عن الحقائق التاريخية الراهنة؛ فليس لأحد هنا أن يخدع نفسه أو يخدع غيره والأمر كله واضح وضوح النهار؛ كأنه الشمس وقت الضحى، يتبين أشعة نورها كل شيء، إننا نعرف كل شيء عن التاريخ الخارجي لمحمد شبابه ومظهره، وعلاقاته، وعاداته الفكرة الأولى والنمو التدريجي، على الرغم من أنه كان متقطعا، لإعلانه العظيم؛ أما بالنسبة لتاريخه الداخلي، بعد إعلان مهمته، فلدينا كتاب فريد تماما في أصله]


ويقول المستشرق ف.إ.بيترز قاصداً محمد صلى الله عليه وسلم التاريخي [ إنه من غير المتصور أن يكون المجتمع قد نسي تماما ما فعله محمد أو قاله في مكة والمدينة، أو أن العرب أصحاب الذاكرة القوية قد رضوا بانمحاء كل ذكرى لماضيهم المكي أو العربي الغربي]


وهذا رد على هراء أن الإسلام تطور بعد عصور لاحقة من بعثة النبي، وقد كتب أستاذ الدراسات الإسلامية في جامعة سوربون غريغور شولر كتاباً يستعرض فيه حجية الأدلة الشفوية والكتابية للإسلام المبكر وقد لخصه محرر الكتاب في الأتي [نسبة كبيرة من التراث النصي لصدر الإسلام والذي كان فيما يتعلق بإنتاج القصائد والروايات والنصوص والوثائق مزيجا ديناميكيا ثقافيًا ومتنوعا من الكتابة والشفوية وهو مزيج لم يكن مستقرا أبدا، بل كان متقلبا في إمكانياته الإبداعية، كمجموعة من التصريفات التي يمكن للمفكر وأتباعه الاستفادة منها في التعبير عن أفكاره وإنتاجها، وعندما نضيف إلى هذا المزيج ظهور المذاهب الدينية لمحمد باعتباره النبي "الأمي" وإعجاز القرآن، يصبح من الواضح مدى أهمية الواجهات بين الشفهية والمكتوبة بالنسبة للإسلام المبكر]


ولخصه بقوله [إن حالة البحث الحالي إذن غير مرضية تماما، في كتابي الشخصية والأصالة الذي كتبته منذ أكثر من عشر سنوات اقترحت نهجا مختلفًا جذريا لدراسة حياة محمد. حاولت أن أبين أنه يمكننا، على أساس المصادر المتاحة إعادة بناء الروايات على أساس المصادر المتاحة التي تعود إلى أشخاص على اتصال وثيق جدا بمحمد وأحيانا إلى شهود عيان]


وتقول المؤرخة كارين ارمسترونج [لم نقرأ أبداً أن المسيح قد ضحك، لكننا كثيراً ما نجد محمداً يبتسم ويداعب المقربين منه، نراه أيضاً يلاعب الأطفال، ويختلف مع زوجاته، ويبكي بحرقة لوفاة أحد أصحابه، ويعرض ابنه الوليد مزهوا كأى أب ولع، فنحن إن استطعنا النظر إلى محمد كما ننظر إلى الشخصيات التاريخية العظيمة الأخرى، فمن المؤكد أننا سنراه أحد أعظم العباقرة الذين عرفهم التاريخ]


وحتى أبرز من شكك في مصادر الإسلام المبكرة وهما المستشرقان باتريشيا كرون ومايكل كوك الذين ألفا كتابيهم المسمى الهاجريون يستعرضون فيه شكوكهم في أصول الإسلام قد أنتهيا بالإقرار لوجود صلى الله عليه وسلم تاريخياً، وها هي باتريشيا كرون تقول [لا شك في أن محمدا كان موجودًا ، بالرغم من المحاولات العرضية لإنكار وجوده] أضغط هنا


وهاهو مايكل كوك يقول [ما الذي تقوله لنا هذه المادة؟ من الممكن أن نبدأ بالنقاط الكبرى التي تتفق مع التراث الإسلامي، لقد ألغت كل شك في شأن أن محمدا شخص حقيقي، لقد شمي محمد في مصدر سرياني من الراجح أنه يعود إلى زمن الغزوات، وهناك خبر عنه في مصدر يوناني من التاريخ نفسه هناك بردية من سنة 643 مؤرخة على أنها تعود إلى سنة اثنان وعشرون؛ بما يصنع افتراضا قويا أن شيئا ما قد وقع سنة 622م، وشهد المؤرخ الأرمني لأحداث ستينيات القرن السابع أن محمدا كان تاجراً، وأكد مركزية إبراهيم في دعوته يظهر المزار الإبراهيمي [الكعبة في مصدر سرياني مبكر يعود إلى سبعينيات القرن السابع


فهل انت يا من تتجرأ بكل ثقة لتشكك في الإسلام قرأت كلام إلهك الغربي الذي تقدسه ورأيت عجزه وتخبطه في محاولته اليائسة لتأكيد ما تراه أنت شبهة قضت على الإسلام؟ والله أنكم يا علمنج ويا تلاحدة عار على الأمة الإسلامية التي سمحت بوجودكم لحد اللحظة في هذه الدنيا، وليس هنا يتوقف كلامنا بل دعونا نستعرض أخيراً تخبط وجلد المستشرقين بعضهم لبعض كونوا على إستعداد ..

نقض حجج المستشرقين حول أصول الإالإسلام المبكر بكلام المستشرقين نفسهم

إن مناهج المستشرقين في نفي حجية السردية الإسلامية تتمثل في عدة نقاط وهي:

1- الكتابات المبكرة لغير المسلمين؛ ويمكن تلخيص قولهم فيها [أن المصادر غير الإسلامية المبكرة لا تكاد تقدم معلومات تاريخية تذكر عن الإسلام، وإنما هي عبارات قليلة جدا، وعامة جدا، لا يكاد يوجد فيها تفصيل، ولا تبنى عليها معارف تاريخية صلبة] وهذا هو مذهب باتريشيا كرون ومايكل كوك 


ويمكن إختصار الرد عليها بما قاله المؤرخ روبرت هويلاند [لا يمكن للمصادر غير الإسلامية أن تقدم قصة كاملة ومتناسقة للإسلام المبكر، فضلاً عن دعم رواية بديلة لتطوره]


وذلك لأن المصادر الغير الإسلامية غير محايدة وليس من طبيعة عملها أن تتابع الصورة المبكرة بشكل كامل، وحتى جون وانسبرو أنكر عليهم اعتمادهما الساذج على مراجع المؤلفين أجانب عن الحضارة الإسلامية ومعادين لها، وباتريشيا كرون تراجعت عن موقفها القديم وأنها لا تتفق مع (وانسبرو) في شأن التقنين canonization المتأخر للقرآن، لأنها ترى أنه يجب النظر إلى القرآن على أنه كتاب قديم، سواء جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم أم آخرون، وأردفت ذلك بقولها: [هذا هو موقفي الحالي] وكانت قد كتبت قبل وفاتها بسبع سنوات:[ ويُحتمل أن معظم ما يخبرنا به التراث عن حياة النبي صحيح إلى حد ما في بعض الجوانب]


ويذكرون حيال تراجعهما هي ومايكل كوك عن كتاب الهاجرية الخاص بهم نقلاً عن المستشرق البريطاني ديفيد كينج أبرز من تحدث عن القبلة وعلم الفلك الإسلامي [بحلول عام 1991م تراجعت باتريشيا كرون ومايكل كوك عن كتابهما البائس «الهاجرية» وقالت كرون: لقد كنا حينها صغارًا ولم نكن نعرف أي شيء". لكن هراءهم اللعوب تسبب في الكثير من الضرر .... وبفضل كتابهما هذا يزعم دان جيبسون اليوم في كتابه "مكة" في جغرافية القرآن" الصادر عام 2011م. أن الإسلام بدأ في البتراء وليس في مكة، لن أعلق على هذا إلا بتذكير القارئ بأن نقطة بدايته كانت في فرضية قد تراجعت عنها باتريشيا كرون ومايكل كوك منذ فترة طويلة، جيبسون مثل أسلافه ليس لديه فكرة بأن المساجد توجهت باتجاهات محددة فلكياً بحيث قد لا تواجه مكة في الواقع ولكن من المؤكد أن أولئك الذين بنوها كانوا يقصدون أن تكون موجهة نحو الكعبة في مكة لقد تلاعب جيبسون بتوجهات العديد من المساجد المبكرة ولكن من الواضح أنه كان خارج نطاق عمقه


ويقول أستاذ الدراسات الإسلامية في جامعة لانكستر ديفيد وينز [تم رفض نظرية كرون - كوك عالميًا تقريبا، لأن الأدلة التي قدمتها هي أدلة أولية وتخمينية وربما متناقضة إلى حد كبير بحيث لا يمكن استنتاج أن العلاقات العربية اليهودية كانت حميمة كما كانت تريد بالإضافة إلى ذلك، فإن المصادر غير الإسلامية نفسها قد تبدو ذات قيمة تاريخية مشكوك فيها بنفس القدر لأنها جميعها أعمال جدلية من نوع أو آخر، وهي نقطة ربما تقدرها المؤلفة (يقصد باتريشا كرون لكنه لا يكلف نفسه عناء توضيحها للقارئ وهذا مشكلة أساسية، يتم الحكم على منهجية كرون كوك بناءً على نقطة أخرى أيضًا "خاصة وأن إنتقاداتها لإمكانيات فهم الفترات الأولى للإسلام قد تبدو إذا تم تطبيقها كطريقة عامة على المصادر التي يستخدمها مؤرخو الدين نوع من الأنانية التاريخية (تحيز)]


ويقول المؤرخ والباحث النصراني فكتور سحاب [وقد أحدث كتاب كرون ضجيجاً في مجتمع الباحثين في تاريخ العرب قبل الإسلام، فكتبت في نقده مقالات عديدة، منها مقالة لريتشارد بوليت، ولو نفت كرون في كتابها سبعث الرسول أو ظهور الإسلام، الضمنت ولا شك إحداث صحيح أقوى. لكن مشكلة كتاب كرون هو أنه يضمن بمقالته المتطرفة، الا يتخذ مرجعاً جدياً في الدراسات الحديثة، على رغم أنه كتاب صادر من مؤسسة عريقة هي جامعة برنستون، وأن كاتبته تطرح فيه أسئلة لا تخلو من الذكاء، وتجيب عنها بأجوبة لا تخلو من المظهر العلمي المضلل. ولذا يتحتم التنبيه إلى الكتاب للتحذير من أخطائه الفادحة


يعني الأن لم يعد هناك حجة للإعتماد على كتاب الهاجرية، لكن العقل العربي التنويري يحلم بتطوير الفهم الديني عوض عن تطوير عقله وفهمه وإضطلاعه!

أما الحجة الثانية لديهم حول التشكيك في المصادر الإسلامية هي:

2- الخيال والوهم التآمري ويمكن تلخيصه:- قد ذهب عدد من المستشرقين إلى رد جميع التراث التاريخي الإسلامي، واعتباره مجرد مراسيل وأساطير بلا قيمة؛ فهو محض أوهام تاريخية مختلفة لصناعة أصول تاريخية تتميز بالأصالة والقداسة كما ذهب المستشرق المعروف جوزيف شاخت، إلى الطعن في التراث الفقهي برمته، واصفا إياه أنه مجرد اختلاق من أنصار المذاهب الفقهية مع بداية القرن الثاني، بحثا لاجتهاداتهم الفقهية عن سند نصي من الوحي، وقد اجتهدت باتريشيا كرون لهدم كامل التراث الإسلامي في كتابها Meccan‏ 1986 Trade and the Rise of Islam‏ لبناء صورة أخرى للإسلام من أغرب ملامحها إبعاد مكة التي نعرفها عن مكانها مئات الأميال 


وملخص الرد هو ما كتبه المستشرق كيس فرستيج بأن نظرية المؤامرة للتاريخ الإسلامي ما هي إلا مجرد مبرر لجعل الإسلام مجرد عمل شعبي خالي من أي وجه من أوجه القداسة الدينية ولكن ليس مقنعاً فيقول [يحتاج المرء إلى وجهات نظر تآمرية للتراث الإسلامي، يفترض فيها أن جميع العلماء شاركوا في المؤامرة نفسها لطمس التسلسل الحقيقي للأحداث... لا بد أن يكون هناك بعض المنشقين... ومن غير المتصور أن يكون التراث قد تمكن من قمع كافة الآراء المخالفة]


ويقول المستشرق هربرت بيرج [الخيار ليس بين التاريخ والمؤامرة فقط، إذا كان الاختيار ببساطة بين التاريخ الإسلامي والمؤامرة، فإن الأول سيبدو بالتأكيد أكثر معقولية، يُظهر اللجوء إلى نظرية المؤامرة فهما ساذجاً إلى حد ما لكيفية إنتاج الأدب الإسلامي


ويقول المستشرق روبرت سيرجنت عن كتاب باتريشيا كرون  [دراسة جدلية أرادت منها صاحبتها أن تصدم المستشرقين بنظريات غريبة عن تاريخ مكة قبل الإسلام، وهو بحث كتب بلغة استعلائية، وفكر مشوش وغير عقلاني يفتقد الحس النقدي، مع لي أعناق النصوص التاريخية الواضحة، وصاحبته تفتقد معرفة البنية الاجتماعية للبلاد العربية. وختم (سرجينت) تعليقه بقوله إنه بحث يليق بطالب داهية في سنواته الأولى في الجامعة في مناظرة مع طلبة آخرين، وأن الكتاب قد يحقق لصاحبته الشهرة التي تسعى إليها، لكنه لن يساهم أبدا في تطوير فهمنا للأصول المبكرة للإسلام]


وهو بالتحديد نفس رأي تلاحدتنا العقلانيين في مهاجمة الإسلام :)


3- تأخر تدوين السنة للقرن السابع 

يرد على هذا الإدعاء المستشرق وليام جراهام [إن النظرية العلمية الحديثة نسبيًا والتي تقول إن التدوين والتركيز على سنة النبي لم يتطور إلا بعد عام 150 هجرية في الأوساط القانونية كتأكيد بأثر رجعي للسنة الحية للمجتمع، يجب تعديلها في ضوء أحدث التحقيقات في أوائل القرن الحادي والعشرين التاريخ تطور الحديث، إن هذه النظرية لا تعتمد فقط على قراءة انتقائية للمصادر الشرعية المبكرة، ولكن أيضًا على فهم خاطئ الأساس التقليد الإسلامي.... مهما كان عدد الأحاديث المتأخرة المنسوبة إلى النبي، أو مهما كان التطور الرسمي لمفهوم سنة النبي كمبدأ فقهي واع، إلا أن المجتمع قد أدرك أن مصدرها الموثوق، مصدر العلم والهداية، يكمن في الوحي وممارسة حامل الوحي، الوضع اللاحق للأحاديث ليس علامة على ظهور متأخر لتأكيد سنة النبي]


منكرين السنة والقرآنيين مجرد هزل وغباء في كتابات المستشرقين والمؤرخين.

يقول الباحث الأكاديمي دانيال براون [الإنكار المطلق لسلطة الحديث وأصالته، كذاك الذي نجده عند أهل القرآن، وبرويز، وأبي رية لم يحظ بتأييد ذي أهمية. نعم تركت أفكار المنكرين أثرًا بارزا في الخطاب الإسلامي خاصة في شبه القارة الهندية، ولكنه أثر غير مباشر ويجب ألا يُعطى أكبر من حجمه


ويقول المستشرق تشيس روبنسون [بعض المسلمين الحداثويين قد حاولوا أن يرخوا ويُضعفوا من سيطرة التقليدية، وسلطتها على وفق المرجعية والسلطة الدينية، وذلك باقتراح مثلا أن تعتمد الشريعة حصرًا على مبادئ القرآن، والتخلي عن مجموعة القوانين الثابتة تقريبا، تلك التي عينتها الأحاديث وحددتها. ولأسباب متنوعة فإنهم لم يتمكنوا من الحصول عليه بالقدر الذي أرادوا تحقيقه والحصول عليه فعلا


فتخيل منظرك أيها التنويري أو يا أيها القرآني الذي يعتمد على شبهات المستشرقين وأنت تشكك في أصول الإسلام وأنت صفر عقل والعلم اللي تزعمه منك ومن أمثالك...

إن شاء الله يكون بحثنا القادم حول الأدلة التاريخية والأركيولوجية على الإسلام المبكر، أنشروا هذا الكلام وجزاكم الله كل خير حياكم الله إخواني 

author-img

عمر عبد الرحمن الحسيني

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق
    الاسمبريد إلكترونيرسالة