هل وقع النبي في حب زينب
في فيديو مصور للشعراوي رحمه الله يقول في تفسير قوله تعالى {وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ ۖ فَلَمَّا قَضَىٰ زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا } : [الأحزاب: 37]
وقال : " إن النبي ﷺ وقع حب زينب في قلبه وهي في عصمة زيد بعد أن رآها ، وأخفى حبها في نفسه، أنه لو طلقها زيد سيتزوجها" !!
هذه الروايات الباطلة التي أستدل بها الشعراوي أوردها "ابن جرير الطبري"و"ابن أبي حاتم" وتناقلها المفسرون وليس لها اسناد متصل وقد رد عليها أهل العلم في زمنهم من الحفاظ والمحدثين وبينوا بطلانها ، وسنتطرق لذكر كل الروايات هنا بصور الكتب والوثائق كما عهدتمونا ويمكنكم النقر على الصورة لعرضها بدقتها الأصلية ، وسنعطيكم هاهنا الحجة بالدليل لتحملوها عابرين إلى غيركم ولكن قبل كل هذا من أين جاءت هذه الروايات؟
أولاً : من أين جاء هذه الروايات؟
هذه الروايات من الدخائل التي دُست في التفسير من قِبل يوحنا الدمشقي وهو راهب نصراني عاش في عهد الدولة الأموية ، يقول محمد حسين الذهبي في كتابه الإسرائيليات في التفسير والحديث عن روايات حب النبي لزينب : {وهذه من الأباطيل التي يرويها ابنُ جريرٍ في تفسيره وهي كما نَبَّهْنًا عليها سابقاً دَسِيسَةٌ دسَّهَا يوحنا الدمشقيُّ في عَصْرِ بني أمية} وأول من قال أن النبي وقع في حب زينب وعشقها هو الراهب النصراني يوحنا الدمشقي وذلك في عهد عبدالملك بن مروان وكان من المتشددين على أن عيسى ابن الله تعالى الله عما يقول، وله مناظرات مع المسلمين في بلاط الخليفة، إذ أن والده كان له منصب ، وتستغرب حقيقة حين تعلم أن صاحب هذه الفرية هو نصراني ! ومعترض على حب النبي لزينب وفي الوقت ذاته تراه مقتنع من أن المسيح من نسل داوود الذي زنا بزوجة أوريا الحثي وقتله لأنه عشق زوجته وأمات الله ابنه عقابا له فتخيل هذ في شأن نبي عندهم يقولون انهم يوقرونه؟
وقد تناقل الناس هذه الأُكذوبة منه ، بأن النبي وقع في عشق زينب ، ثم أنتشرت بين العوام وتلقفها الضعفاء من المفسرين المولعين بنقل الأخبار التي تحت أيديهم دون تمحيص وتتبع وكتبوها ، ونتحدى أن يعطنا أي أحد سنداً صحيح لهذه الروايات ينتهي مصدرها لصحابي أو تابعي؟ أو نعلم مصدرها حتى ، فجميعها إما مرسلة يرويها رجل بعد ستين سنة من عهد النبوة أو منسوبة كذبًا لتابعي أو ضعيفة بغير إسناد حتى.وقد تنبه لها الحفاظ والمحدثين في عصرهم وقاموا بردها بالحجة والبرهان في مؤلفاتهم التي سنستعرضها
وقد أشار العلامة محمد بن محمد في كتاب "الإسرائيليات والموضوعات في كتب التفسير" لهذا قائلاً : {وهذه الرواية إنما هي مِنْ وَضْعِ أعداءِ الدِّين ، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم متهم بالكذب ، والتحديثِ بالغرائب ، وروايةِ الموضوعات ، ولم يذكر هذا إلا المفسرون والإخباريون المولعون بنقل كل ما وقع تحت أيديهم من غَثٍّ أو سَمِينٍ ولم يوجد شيء من ذلك في كتب الحديث المعتمدة التي عليها الـمُعَوَّل، والذي جاء في الصحيح يخالف ذلك}
وقد ساق البغوي تفسير منسوب لابن عباس بأنه قال : "الذي كان يخفيه النبي ﷺ هو حب زينب وهي في عصمة زيد" وهذا القول منسوب كذبًا على ابن عباس فليس لها سند وكثير من الأقوال الكاذبة أو الإسرائيليات يتم وضعها كذبًا على ابن عباس دائما ، نقرأ في كتاب "الإسرائيليات وأثرها في كتب التفسير" {وقد كان المنتظر من البغوي أن لا يروي خرافة حب النبي ﷺ لزينب بعد ترويجها ، فضلاً عن ابن عباس وهي لا تصح وقد دسها في التفسير يوحنا الدمشقي في العهد الأموي }
ووجدنا الذين أخذوا بهذه الرواية من المفسرين الضعفاء والمتروكين الذين ليسوا أهلًا بعلم الحديث والأثر ، أمثال عبدالرحمن بن زيد ، ونوح بن أبي مريم ، أو ممن تم اتهامهم بالكذب والوضع كالواقدي ، ومقاتل بن سليمان ، أو ممن لا يبالي عن من يروي المراسيل كقتادة ، وسنذكرها بالصور سريعاً، وقد رواها هؤلاء بعد إن انتشرت وكتبوها في كتب التفسير دون تحقيق أو تمحيص لمصدرها ، وقد نبه شيخ الإسلام ابن تيمية من كتب التفسير قائلاً :
{{ وهذه الكتب التي يسميها كثير من الناس كتب التفسير فيها كثير من التفسير منقولات عن السلف مكذوبة عليهم ، وقول على الله ورسوله بالرأي المجرد ، بل بمجرد شبهة قياسية أو شبهة أدبية }}وأنا أُنبه الإخوة دائماً ممن يسألونني عن بعض الشبهات في التفسير ، أن لا يدرسوه إلا بعد معرفتهم لأساسيات علم الحديث والأثر أو معرفتهم بضعفاء المفسرين ليعلموا ما بين ايديهم من تفسير هل هو صحيح أم منكر.
ثانياً : هل حرم النبي ﷺ التبني ليتزوج زينب بنت جحش؟
أُريد من القارئ أن يربطوا الأحزامة فهؤلاء يستخدمون الإبداع مرة أخرى ، ويقولوا أن النبي ﷺ حرم التبني لأنه أشتهى زينب !! ، تعال إلى هُنا وأنظر بالله عليك كيف يريدون إبادتنا ، فلا يبقى مسلم إلا ومات من الضحك ، فتحريم التبني كان قبل زواج زيد من زينب والله إن أبسط مسلم قرأ سورة الأحزاب وتأملها يعلم هذا ! حيث نزل حكم تحريم التبني في الآية 5 من سورة الاحزاب بقوله تعالى : {{ ادعوهم لآبائهم هو اقسط عند الله}} وفيه سمح بكفالتهم ولكن حُرم أن ينادى المتبني باسم غير والده
والآية التي زوجت النبي من زينب هي الآية 37 من سورة الأحزاب!
والآية التي زوجت النبي من زينب هي الآية 37 من سورة الأحزاب!
تخيل أن هذا الطرح الغريب منتشر في الفيسبوك ويقولون بأن تحريم التبني كان لأجل أن يتزوج النبي من زينب ؟ والذين يتناقلون هذا يشعرون كالعادة بأنهم مثقفون يغردون خارج السرب ، وتجدهم أسرى تحت نظرية المؤامرة الترقيعية ويعيشون أجواء التنوير الحقيقية!! فبالله عليكم ما هذا؟
النقطة الثانية :
أن النبيﷺ عندما خطب زيد لزينب ، كانت زينب تظن أن الذي يريد خطبتها هو النبي ﷺ فوافقت وعندما علمت أن النبي يريد خطبتها لزيد رفضت زينب زواجها من زيد تبعا للتقاليد السائدة في تلك الأيام ولاستنكاف الحرة من الزواج بالعبد، وكون زيد كان عبدًا فنزلت الآية 36 من سورة الأحزاب تقول : {وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم } فأرسلت زينب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقالت : إني أستغفر الله وأطيع الله ورسوله ، فزوجها زيد بسورة ، وهذا لإزالة بقايا الجاهلية التي كانت فيها، فلا فرق بين حر وعبد أو أسود أو أبيض إلا بالتقوى وإنها لعزة لنا، وبعد زواج زينب من زيد لم تستمر علاقتهما الزوجية ونشبت بينهما الخصومة ، وقد أعلم الله تعالى نبيه بأن زيد سوف يطلق زينب وقد كتبها الله زوجة له ، وكان يخفي النبي هذا خشية من إرجاف المنافقين وحين جاءه زيد يشتكي له من زينب ويخبره إن زينب أشتد لسانها علي وأنا أريد أن أُطلقها قال له النبي : [أمسك عليك زوجك] مخفيًا لما أخبره الله به، وهذا في الآية [37] وهذه الرواية صحيحة السند ساقها كبار المفسرين من الحفاظ وأهل الأثر وقد ردوا على الروايات الكاذبة التي أوردها أبي حاتم والطبري في فتح الباري شرح صحيح البخاري يقول : {وهناك آثار اخرى أخرجها أبي حاتم والطبري ونقلها كثير من المفسرين لا ينبغي التشاغل بها والذي اوردته منها هو الصحيح ... والحاصل إن الذي كان يخفيه النبي هو إخبار الله إياه انها ستصير احدى زوجاته والذي كان يحمله على إخفاء ذلك خشية قول الناس تزوج إمرأة ابنه من التبني}
وكذلك الحافظ ابن كثير عندما ذكر الروايات التي تقول بحب النبي لزينب قال مستخفاً بها لا يريد عليها حتى : {ووردت آثار أخرى أخرجها ابن أبي حاتم والطبري ونقلها كثير من المفسرين لا ينبغي التشاغل بها ، والذي أوردته منها هو المعتمد . والحاصل أن الذي كان يخفيه النبي ﷺ هو إخبار الله إياه أنها ستصير زوجته ، والذي كان يحمله على إخفاء ذلك خشية قول الناس تزوج امرأة ابنه ، وأراد الله إبطال ما كان أهل الجاهلية عليه من أحكام التبني بأمر لا أبلغ في الإبطال منه وهو تزوج النبي من زينب}وقال القرطبي رحمه الله {وهذا التفسير هو الذي عليه أهل التحقيق من المفسرين والعلماء الراسخين، كالزهري والقاضي بكر بن العلاء القشيري، والقاضي أبي بكر بن العربي وغيرهم}
والنقطة الثالثة والأخيرة :
أن زينب بنت جحش وهبت نفسها للنبي ﷺ قبل أن أن يتزوجها زيد ، ورفض النبي هبتها ﷺ ! وقال قبلها محيى الدين درويش {وأما ما رَوَوْهُ مِنْ أَنَّ النبيَّ مرَّ ببيت زَيدٍ وهو غائب فرأى زينب فوقع منها في قلبه شيء فقال: سبحان مقلب القلوب فسمعت زينب التسبيحة فنقلتها إلى زيد فوقع في قلبه أن يطلقها ! إلى آخر هذا الهراء الذي يترفع النبيُّ عنه فَقَدْ فَنَّدَهُ المحققون من العلماء}.ولم يتزوج النبي صلى الله عليه وسلم من أي امرأة وهبت نفسها له طيلة حياته ، ولم يستخدم هذه الرخصة التي أباحها الله له ابداً حتى مات ، فهل كان شهوانياً؟وهل تقع زينب في قلبه بعد أن رفضها قبل؟.
ولهذا يقول القاضي عياض عن هذه الروايات {وما وراء هذه الرواية غير معتبر ، فأما قولهم : إن النبي صلى الله عليه وسلم رآها فوقعت في قلبه فباطل فإنه كان معها في كل وقت وموضع ، ولم يكن حينئذ حجاب ، فكيف تنشأ معه وينشأ معها ويلحظها في كل ساعة ، ولا تقع في قلبه إلا إذا كان لها زوج ، وقد وهبته نفسها ، وكرهت غيره ، فلم تخطر بباله ، فكيف يتجدد له هوى لم يكن ، حاشا لذلك القلب المطهر من هذه العلاقة الفاسدة} وقال ابوبكر ابن العربي {هذه الرواياتُ كلُّها ساقِطَةُ الأسانيد}.
ويقول الترمذي في تفسيره : إن الذي أخفاه النبي هو أن الله أوحى إليه أن زينب ستكون إحدى زوجاته وأن زيد سيطلقها، ولو كان الذي أخفاه حبها لكان الله أظهر ذلك في قوله "وتخفي في نفسك ما الله مبديه" وقد أظهره الله الذي كان يخفيه النبي في الآية وهو إعلامه بزواجه من زينب وكتمها قائلاً لزيد أمسك عليك زوجك".
وإلى هُنا والله أن الرد كافي ومن دون أن أتطرق حتى لنسف الروايات الكاذبة، ولكن للمرجعية نتناول كل الروايات في هذا الشأن.
ثالثاً : بيان ضعف الروايات المنسوبة
الرواية الأولى قال الطبري :
الجرح :
ولد قتادة بن دعامة السدوسي في سنة 60 هـ وهو يروي هذه الرواية دون إسناد ودون أن يصرح ممن سمع وهي مرسلة ، والمرسل من أقسام الحديث الضعيف
ومراسيل قتادة من أهوى المراسيل عند العلماء وغير مقبولة قال الإمام بدر الدين الزركشي: { عن يحي بن سعيد أنه كان لا يرى إرسالَ الزهريِّ وقتادة شيئاً ويقول: هو بمنزلة الريح } وقال معتمر بن سليمان عن أبي عمرو { كان قتادة وعمرو بن شعيب لا يغث عليهما شيء يأخذان عن كل أحد} لدرجة قال عنه الشعبي { قتادة حاطب الليل} وقال الإمام شمس الدين الذهبي: { قتادة بن دعامة السدوسي هو حُجَّةٌ بالإجماع إِذَا بَيَّنَ السَّمَـاعَ فَإِنَّهُ مُدَلِّسٌ معروف بذلك } وقتادة اذا صرح بالسماع وأخبر مصدر قوله يقبل منه ولا تقبل مراسيله ، وعشان تفهم معنى مصطلح "حديث مرسل" بشكل بسيط هو شخص يتحدث عن فترة لم يعش فيها ولم يقابل من يتحدث عنهم ودون أن يخبر بمن أخبره بذلك.
الرواية الثانية قال الطبري :
قال ابن زيد : وفيها "أن النبي أراد زيارة زيد فجاءت ريح فانكشفت زينب، وهي في حجرتها حاسرة، فوقع إعجابها في قلب النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم"
الجرح :
ابن زيد : وهو عبدالرحمن بن زيد بن أسلم مولى عمر بن الخطاب : العلة الأولى متروك ضعيف وأكثر القادحين فيه فقال عنه أحمد بن حنبل: ضعيف، وقال البخاري وأبو حاتم: ضَعَّفَهُ عليُّ ابنُ المديني جِداً ، قال أبو داود: أولاد زيد بن أسلم كلهم ضعيف، وأَمْثَلُهُم عبد الله.
والعلة الثانية الرواية مرسلة فابن زيد يروي مباشرة عن رسول الله ﷺ وهو لم يدركْه أصلاً.
الرواية الثالثة الحاكم في المستدرك :
الجرح :
الرواية فيها ثلاث علل عبد الله ابن عامر الأسلمي وهو ضعيف ، وابن عمر الواقدي متروك بإجماع ومتهم بالكذب ومطعون فيه والعلة الثالثة أنها مرسلة والواقدي وحده في الرواية كافية لرميها دون التكلم فيها حتى
الرواية الرابعة الطبراني :
الرواية مع الجرح بالهامش ، وفيها أبا بكر بن سليمان وهي مرسلة وضعفها الهيثمي وقال ضعيف غاية الضعف وباطل
الرواية الخامسة للإمام القرطبي :
الرواية السادسة للإمام القرطبي
عن أبي عصمة نوح بن أبي مريم نقل القرطبي روايته هذه بالأصل من كتاب "نوادر الأصول للحكيم الترمذي" وهذه الرواية أمامكم في نوادر الأصول دون أي إسناد، والذي يرى الهامش يكفيه الرد والرواية تقول بالمعنى {{ أن زينب أخبرت زيد أن النبي حين رآها قال يا مقلب القلوب فلم يستطع زيد بعدها المكوث معها وطلقها لأجل النبي }} وحين ساق القرطبي الرواية السابقة ساقها بإسناد نوح بن أبي مريم :
الجرح :
وعلى فرض أن هذه الرواية التي دون سند بالأصل كانت بسند نوح بن أبي مريم كما أشار القرطبي، فنوح كذاب ومتهم بوضع الحديث { قال بن المبارك: لوكيع حدثنا شيخ يقال له أبو عصمة كان يضع كما يضع المعلى بن هلال.} {وقال أبو زرعة: ضعيف الحديث}
الرواية الرواية السابعة للإمام القرطبي :
ساقها القرطبي وفيها { وقيل: إنَّ الله بعث ريحاً فرفعت الستر وزينب متفضلة في منزلها، فرأى زينب فوقعت في نفسه.... الخ} هذه الرواية دون أي سند وهي نقلًا عن شرح رواية عبدالرحمن بن زيد بشأن الريح التي كشفت الستر عن زينب فرآها النبيﷺ وقد بينا حال الرواية.
وملاحظة : تبرأة للإمام القرطبي هو لم يورد الروايات هذه إلا ليقارنها وقد قام بنقل كل الروايات عن تفسير الآية 37 من سورة الأحزاب ثم رجح الرواية الصحيحة وقال" أنَّ النبي ﷺ كان قد أوحى الله تعالى إليه أن زيداً سيُطَلِّقُ زينب، وأنه سيتزوجها بتزويج الله إياها، فلما تَشَكَّى زيدٌ للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خلق زينب، وأنها لا تطيعه، وأعلمه أنه يريد طلاقها، فقال له النبيﷺ : "اتق الله في قولك وأَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ" وقد أعلمه الله أنه سيفارقها ويتزوجها، وهذا هو الذي أخفاه في نفسه، ولم يرد أن يأمره بالطلاق لما علم أنه سيتزوجها، وخشي رسول الله ﷺ أن يلحقه قول من الناس في أن يتزوج زينب بعد زيد، وهو مولاه، وقد أمره بطلاقها، فعاتبه الله تعالى على هذا القدر من أن خشي الناس في شي قد أباحه الله له، بأن قال:” أَمْسِكْ عليك زوجك” مع علمه بأنه سيطلق. وأعلمه أن الله أحق بالخشية".
ثم قال الإمام القرطبي : { وهذا التفسير هو الذي عليه أهل التحقيق من المفسرين والعلماء الراسخين ... فأما ما رُوِيَ أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هوي زينب امرأة زيد وربما أطلق بعض المجان لفظ عشق فهذا إنما يصدر عن جاهل بعصمة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن مثل هذا، أو مستخف بحرمته}
الرواية الثامنة مسند أحمد :
الرواية عن مؤمل بن إسماعيل وهي مخالفة لبقية الروايات وقال عنه البخاري : {منكر الحديث} وقد ضعفها محقق المسند
ولعلنا نختم المقال بسؤال الإمام القشيري وهو يقول{ وكيف يقال: رآها وأعجبته؟ وهي بنت عمته ولم يزل يراها منذ ولدت ولا كان النساء يحتجبن منه صلى الله عليه وسلم وهو زوَّجها لزيد فلو أرادها صلى الله عليه وسلم لاصطفاها لنفسه قبل زيد ولفرحتْ بذلك بما لا مزيد عليه خصوصاً وأنَّها ما تزوَّجتْ بزيدٍ إلاَّ طاعةً لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم والحقُّ الذي نَدِينُ الله عليه هو أن الله كان قد أعلم نبيَّه صلى الله عليه وسلم أن زينب ستكون من أزواجه بعد زيد لحكمة تشريعية أشارت إليها الآية في آخرها}